Friday, November 2, 2007

المخدرات العامة

المخدرات العامة

General Anesthetics

د/ منير حميد راجح

هي مجموعة كبيرة من الأدوية و العقاقير و ذلك لغرض استخدامها في التخدير العام ، وتتميز بقدرتها على تخدير مواقع الألم في كل أنحاء الجسم .. وتأمين نوم عميق , وهذه التأثيرات بالأمكان التحكم بفترة حدوثها بالأمكان أن تطول أو تقصر بحسب ما يتطلبه إجراء العمل الجراحي . ولهذا السبب يتمكن الطبيب المخدر من التحكم بفترة التخدير العام بواسطة التحديد الدقيق للجرعة المعطاة وتركيز المخدر فيها .

الشروط التي ينبغي توفرها في المادة المخدرة العامة :-

1- أن تتميز ببداية تخدير سريعة ومريحة وهادئة .

2- أن لا تكون مخرشة للأغشية المخاطية .

3- أن تكون فعالةً في إزالة الألم وإبطال الحس بكافة أنواعه وإحداث ارتخاء عضلي جيد وتأمين نوم عميق .

4- أن تكون ثابتة أثناء تفاعلها مع هيدروكسيد الصوديوم و الكالسيوم و الباريوم و عند التعرض للضوء والحرارة .

5- أن لا تكون قابلةً للاشتعال أو الانفجار ( وهي خاصة هامة جداً ) ومن المخدرات العامة الاستنشاقية القابلة للاشتعال مثل :-

cyclopropan , ethyllene , ether , diphenylether , floroxine , ethylchloride

6- أن لا تحدث هبوطاً في الضغط الشرياني أو تأثيراً مثبطاً للقلب .

7- أن لا يكون لها تأثيرات سمية على الأنسجة القلبية والدماغية والكلوية والكبدية .

8- أن لا تسبب نزيفا دموية شعرية داخلية .

9- أن لا تسبب غثيان أو قئ .

10- أن تتميز بفترة صحو وإنعاش قصيرة .

الأقسام العامة للمخدرات :-

بالأمكان تقسيم المخدرات العامة إلى عدد من الأقسام :-

1- المخدرات العامة الاستنشاقية Inhaled General Anesthetic Drugs .

2- المخدرات العامة بطريق الحقن Parentral General Anesthetic Drugs . ( و تستخدم وريديا I.V حيث هي الأسرع و تفضل أكثر من العضل I.M ) .

3- المخدرات العامة القاعدية أو المستقيمة الشرجية Basal or Rectal General Anesthetic Drugs .

أولا / المخدرات العامة الاستنشاقية Inhaled General Anesthetic Drugs :-

يجب عند استخدام المخدرات العامة الاستنشاقية توفر ما يلي :-

1- مصدر للمخدرات العامة الاستنشاقية ( إما إناء مبخر أو أسطوانات غازية ) .

2- مصدر للأوكسجين حيث يجب مزج هذه الغازات أو الأبخرة مع الأوكسجين ، و إلا فإن إعطاءها لوحدها يؤدي إلى الوفاة خلال 3 دقائق .

3- مكان يمتص فيه غاز CO2 الخارج من هواء الزفير ويتم امتصاص CO2 عن طريق وضع زجاجة على مسير أنبوب هواء الزفير أو في نهايته تحوي على الهيدروكسيدات Hydroxids

مثل هيدروكسيد الكالسيوم Ca (OH)2 بتركيز 95% .. و هيدركسيد الصوديوم NaOH بتركيز 5% ..

و أيضا هيدروكسيد الباريوم Ba(OH)2 بتركيز 20% .. هيدروكسيد الكالسيوم Ca (OH)2 بتركيز 80 % .

و تنقسم المخدرات الاستنشاقية إلى عدد من الأقسام التالية :-

1- مخدرات عامة استنشاقية غازية Inhaled Gaseous G.A :-

و تحفظ في أسطوانات معدنية ، مثل :-

1- بروبان حلقي Cyclopropane :- صيغته بسيطة إلا أن تأثيره كبير .

2- أول أكسيد النتروز Nitrous Oxide N2O :- يدعى غاز الفردوس أو الغاز المضحك المبكي .

3- ايتيلين Ethylene .

2- مخدرات عامة استنشاقية سائلة طيارة Volatile Liquid G.A :-

Inflorane , Ethyl Chloride , Trichlorethylene , Divenylether , Floroxan , Methoxy Florane

آلية تأثير المخدرات العامة الاستنشاقية Mechanism of Action :-

نظراً لأختلاف الصيغة الكيميائية لهذه المركبات فقد تم وضع العديد من النظريات التي تحاول تعليل وتفسير إحداث هذه المركبات للتخدير العام وإبطال حس الألم والشعور وفقدان الوعي .. مثل :-

1- نظرية أوفيرتون – ماير Overton – Mayer :-

تمكن الباحثان أوفيرتون و ماير عام 1951 م من وضع نظرية تعتمد في تفسير آلية العمل و الميكانيكية طبقا للخصائص الفيزيوكيميائية للمركبات المخدرة من حيث :-

1- ذوبانها في الدهون lipid soluble .. ( بمعني ذوبانها في الأنسجة الدماغية ) .

2- ذوبانها في الماء water soluble .. ( بمعني ذوبانها في الدم ) .

وعلى هذا الأساس تمكن الباحثان من إيجاد معامل factor يعرف باسم ثابت التجزؤ أو معامل التجزؤ بين الطورين الدهني lipid ( أو الدماغي ) والمائي ( أو الدموي ) والذي يتعلق بقابلية وشدة ذوبان المخدرات العامة الاستنشاقية في الدم . وتبين نتيجة هذه الدراسة أنه كلما كان معامل التجزؤ بين الطورين الشحمي والدموي عالياً دل ذلك على أن قدرة انحلال المادة المخدرة في النسج كبيرة ودل بالتالي على سرعة بداية التخدير .

ثم أتى عالم آخر يدعي أوستولد Ostwald ووضع معامل أخر factor يعبر عن فعالية المخدرات العامة الاستنشاقية ويفسر آلية تأثيرها من حيث شدة ذوبانها في الدم مع إدخال عامل آخر هو الضغط الجزئي للمادة المخدرة الاستنشاقية سواء كانت غازية أم سائلة قابلة للتطاير volatile ، وهذا الثابت يعرف باسم ثابت التجزؤ بين الطورين الدموي والغازي ، أو معامل أوستولد Ostwald factor.

فمثلا أول أوكسيد النتروز N2O تكون قيمة معامل أوستولد حوالي 0.45 .. بينما تكون قيمة معامل أوستولد للكلوروفورم Chloroform حوالي 1.3 .. و البروبان الحلقي Cyclopropane حوالي 0.46 .. و هالوثان Halothane حوالي 3.4

و نستنتج من هذه الدراسة التي قام بها أوستولد أنه كلما كان معامل أوستولد عالياً كما هو الحال في المتوكسي فلوران دل ذلك على شدة انحلال المادة المخدرة الاستنشاقية في الدم وبالتالي فقدان فعالية هذه المادة في إحداث التخدير ( لأن طبيعتها تتغير عند انحلالها ) . وعلى هذا الأساس فإن ether, Methoxy Florane يتميزان ببداية تخدير بطيئة وتقدر المدة اللازمة لبدء التخدير لهما بـــــ 20-30 دقيقة . ويبقى جزء ضئيل من المادة المخدرة متواجداً بالشكل الحر ( غير متحلل ) في الأنسجة الرئوية ويصل إلى الدورة الدموية بشكل أبخرة أو غازات ليصل أخيراً إلى مكان التأثير ( الدماغ ) .

وبالمقابل تتميز مخدرات استنشاقية أخرى بمعامل أوستولد صغير جداً مثل Cyclopropan و N2O ويدل ذلك على أن شدة انحلال هذه الغازات أو الأبخرة في الدم ضئيلة جداً وبالتالي تبقى بفعالية كبيرة داخل الأنسجة الرئوية والدورة الدموية وتسبب التخدير العام بسرعة ، وتقدر مدة بداية التخدير لها بـ 1-3 دقائق .

والمخدرات العامة التي تتميز بشدة انحلال متوسطة ( معامل أوستولد له قيمة متوسطة ) مثل Inflorane , Halothane تتميز بمدة بداية تخدير متوسطة 5-10 دقائق .

2- نظرية التوتر السطحي ( نظرية تروب Traub ) :-

تحاول هذه النظرية إيجاد علاقة بين القدرة الكامنة في المواد المخدرة العامة الاستنشاقية وبين درجة تأثيرها على التوتر السطحي لغشاء الخلية العصبية .

وتنتقد هذه النظرية حيث أن بعض العوامل الخافضة للتوتر السطحي ليس لها أي تأثير مخدر مثل الأحماض الصفراوية Bile acid وعامل توين 80 tween 80- ( و هي مادة تستخدم في الصناعات الدوائية ) .

3- نظرية تثبيط الجهاز الشبكي الصاعد :-

تحاول هذه النظرية إيجاد علاقة بين آلية تأثير المخدرات العامة والجهاز الشبكي الصاعد ( وهذا الجهاز يتواجد في الساق المخية والدماغ المتوسط ) وتعلل آلية التأثير بأنها تثبط نشاط الجهاز الشبكي الصاعد وبالتالي تسبب النوم وفقدان الوعي .

كما أنها تؤدي إلى حدوث تغيرات في تخطيط الدماغ الكهربائي .

4- نظرية النفوذ الخلوي ( نظرية مولنس Mullins ) : -

تحاول تفسير الآلية بأن المخدرات العامة الاستنشاقية تنقص نفاذية الغشاء الخلوي للشوارد وبالتالي لا تتمكن النواقل العصبية من قيامها بإحداث فعل زوال الاستقطاب .

5- نظرية فيرغوسون :-

تعتمد على دراسة درجة الإشباع النسبي في النسيج الدماغي كما تعتمد على قياس درجة النشاط الثيرموديناميكي أي الديناميكية الحرارية ( وهي تعبر عن عدد الجزيئات الحرة من المادة المخدرة التي تتفاعل مع النسيج الدماغي ) .

ويمكن اعتبارها تركيزا كافياً لقياس نشاط المادة المخدرة وبسبب صعوبة قياس النشاط الثيرموديناميكي في النسيج الدماغي لذلك يستعاض عنها بقياس درجة النشاط الثيرموديناميكي في مصدر الغازات والتي تماثل درجة الإشباع النسبي في الدماغ .

وتحسب درجة النشاط الثيرموديناميكي ( l ) من العلاقة :-

l = R.T.LogP/Ps

حيث :- R ثابت الغاز .. و T درجة الحرارة المطلقة .. و Ps ضغط الغاز المشبع للمادة المخدرة .. و P الضغط الجزئي للمادة المخدرة الاستنشاقية .... وبما أن كلاً من T و R ثوابت تبقى النسبة P/Ps هي التي تحدد درجة النشاط الثيرموديناميكي .

6- نظريات حديثة :-

* تتصف المخدرات العامة الاستنشاقية بكراهيتها للماء Hydrophobic على المستوى الجزيئي ، وهذه المركبات تتفاعل مع طبقة البروتينات الموجودة في الغلاف الخلوي وليس لها ألفة للتفاعل مع الطبقة الدهنية ، حيث تقترن هذه المركبات مع البروتينات في الجيوب الكارهة Hydrophobic Packets وهي المسافات أو الشقوق الموجودة فيما بين طبقتي الليبيدات بحيث تحدث خللاً أو اضطراباً في وظائف المستقبلات وكذلك تحدث نقصاً في النقل عبر قنوات الشوارد الخاصة بالصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم ( والتي هي عبارة عن بروتينات ) عن طريق إحداث نمط من التكيف أو التطابق أو التعديل في بناء هذه المستقبلات وقنوات الشوارد .

* نظرية أخرى حديثة تعلل آلية تأثير المخدرات العامة الاستنشاقية على أساس تثبيط نشاط النواقل العصبية المنشطة في الجهاز المركزي العصبي CNS .. ( والتي يمثلها مركب L-glutamate ) وذلك بتثبيط المستقبلات الخاصة بهذه النواقل مثل N-Methyl D-Aspartate (NMDA .

ويمثل المخدرات العامة التي تعمل بهذه الميكانيكية مركب Ketamine الذي يثبط نشاط مستقبلات NMDA كما تبين أن بقية المخدرات العامة الاستنشاقية لها تأثير مثبط لهذا المستقبل ولكنها أضعف من Ketamine .

* وتوجد آلية أخرى بالنسبة لمركبي Inflorane , Isoflorane حيث تبين أنهما يثبطان نشاط المستقبلات النيكوتينية nicotinic receptors وهذا ما تفعله مركبات Barbiturate .

* أما الآلية الأحدث والأكثر قبولاً فهي أن المخدرات العامة تعمل على تنشيط المستقبلات (GABA(A الأمر الذي يؤدي إلى فتح قنوات الكلور CL وحدوث زيادة في الاستقطاب Polarization الذي يثبط انتقال السيال العصبي ( والناقل العصبي GABA هو الناقل المثبط في مستوى الدماغ والنخاع المستطيل ). ومن المركبات التي تعمل بهذه الآلية :-

المخدرات العامة الاستنشاقية Inhaled General Anesthetic Drugs ماعدا Ketamine .. و مركبات Barbiturate .. و مركبات Benzodiazepine .. و مركب propoful ..

مراحل التخدير العام :-

تحدث المخدرات العامة تأثيرات مسكنة للألم وتسبب فقداناً للوعي وتأثيرات مختلفة أثناء مراحل التخدير العام وقد تمكن الباحث جيدل Guidel من تمييز 4 مراحل للتخدير العام :-

1- مرحلة تسكين الألم Analgesia :-

تمتد من بدء استنشاق المادة المخدرة حتى فقدان الوعي .

أعراض المرحلة :-

1- فقدان الذاكرة .

2- زوال الأحساس بالألم وكل أنواع الأحساس نتيجة تثبيط المراكز العليا لقشر الدماغ لكن تبقى جميع المراكز الجفنية طبيعية والحدقة طبيعية .

2- مرحلة الإثارة والتنبيه :-

تبداء من نهاية المرحلة الأولى أي من فقدان الوعي وحتى فقدان المنعكس الجفني والذي يتم اختباره بلمس الجفن العلوي أو السفلي بقطعة من القطن فينغلق الجفنان .

أعراض المرحلة :-

حدوث اضطراب في الانفعالات وظهور حالة من الهيجان والتعبير عن الأحلام والآمال والآلام والهلوسة وظهور حركات لا إرادية والتفوه بكلام غير مفهوم .. مع تسرع النبض وضربات القلب وارتفاع الضغط الدموي الشرياني.. توسع الحدقة .. تنبيه مركز الغثيان لذلك يمنع المريض من تناول الطعام قبل العمل الجراحي ويعطى مضادات الغثيان ، وخطورة القئ تكمن في ارتجاعه إلي المناطق العليا للجهاز التنفسي مما قد يؤدي إلى التنفس غير منتظم و من ثم الاختناق .

3- المرحلة الجراحية : وتقسم إلى أربع مستويات :-

* المستوى الأول :-

يبدأ من فقدان المركز الجفني وينتهي بثبات مقلة العين للأمام حيث تكون في البداية متحركة وغير مستقرة ( أي ينتهي هذا المستوى بشخوص البصر ).

أعراض المرحلة :-

  • تعود الحدقة إلى طبيعتها أو تتضيق قليلاً ..
  • يفقد ثلاثة مراكز هي :- المركز البلعومي ومركز السعال ومركز القئ ..

ويسمح هذا المستوى بإجراء العمليات الجراحية على الصدر .

*المستوى الثاني :-

يبدأ من حيث انتهى المستوى الأول أي من شخوص البصر وينتهي بشلل العضلات الوربية السفلية من الصدر .

أعراض المرحلة :-

  • تبدأ الحدقة بالتوسع ( وكلما توسعت الحدقة أكثر دل ذلك على علامات خطورة أكثر ) .
  • ترتخي بعض العضلات الهيكلية skeletal muscles ..
  • تنعدم ثلاثة مراكز هي :- المركز القرني – المركز الحنجري – المركز البريتواني ويصبح التنفس بطيئاً ومنتظماً .

يسمح هذا المستوى بإجراء العمليات الجراحية على البطن .

*المستوى الثالث :-

يبدأ من حيث انتهى المستوى الثاني وينتهي بشلل كافة العضلات الوربية والتنفسية ما عدا عضلة الحجاب الحاجز ويصبح التنفس هنا حجابياً .

أعراض المرحلة :-

  • تفقد المقوية العضلية الهيكلية skeletal muscles بكاملها .
  • تتوسع الحدقة بصورة أكبر
  • يبقى التنفس منتظماً وبطيئاً .

يسمح هذا المستوى بإجراء العمليات الجراحية الكبرى مثل استئصال المعدة أو الطحال أو .. وهو أعمق مستوى يسمح للطبيب المخدر بالوصول إليه .

* المستوى الرابع :-

وهو مستوى خطر ولا يجوز الوصول إليه ، يبدأ من شلل العضلات الوربية ويستمر حتى شلل العضلة الحجابية .

أعراض المرحلة :-

انعدام التنفس , توسع شديد في الحدقة , تسرع النبض وهبوط الضغط , يصبح التنفس بطيئاً وسطحياً وغير منتظم , تفقد كافة المراكز بما فيها مركز التفاعل مع الضياء .

4- مرحلة الشلل البصلي :-

وفيها يحدث تثبيط المراكز الحيوية في النخاع المستطيل وبالتالي انهيار كامل لوظيفة الجهازين القلبي والتنفسي فيتوقف القلب والتنفس ويتباطأ النبض ويصبح ضعيفاً وتنتهي هذه المرحلة بالوفاة

No comments: